Asım Cüneyd Köksal. Fıkıh ve Siyaset: Osmanlılarda Siyaset-i Şeriyye. Istanbul: Klasik Yayınları, 2017, 89-93.
Burada müfessir Mahmud el-Alusi (v. 1854) kanunları vaz edenler, uygulayanlar ve kanunu şeriata tercih edenler olmak üzere farklı gruplardan bahsediyor, bunlardan açıkça şeriatı aşağılayanları ve kanunu ona tercih edenleri tekfir ediyor, mücerret uygulamaya/vaz etmeye ise küfür demiyor. "Usul" adıyla andığı kanunu çıkaranlar ile, hevalarına göre hüküm veren kadıların aynı seviyede günahkar olduğunu söylüyor. Günümüzle mukayese edilecek olursa hatırda bulundurulması gereken husus, Alusi zamanında kanunname çıkartanların -batıl hüküm veren kadılar gibi- şeriatı tazim ettikleri ve kanunların şeriata muvafık olduğunu iddia etmeleridir.
[Şeyh Bahaüddin'in sözü Cemaleddin Kasimi'nin torunu tarafından yazılan siretinde de geçiyor ve aynı şekilde reddediliyor.]
Alusi ayrıca kadıya gitmeyi reddedenlerin, şeriatı inkar ettikleri değil, kadıların zalim oldukları sebebiyle bunu yapmaları durumuna dikkat çekiyor ve bu haldeki insanların mazur sayılacağını söylüyor.
Tefsirin İlgili Arapça Bölümü
Burada müfessir Mahmud el-Alusi (v. 1854) kanunları vaz edenler, uygulayanlar ve kanunu şeriata tercih edenler olmak üzere farklı gruplardan bahsediyor, bunlardan açıkça şeriatı aşağılayanları ve kanunu ona tercih edenleri tekfir ediyor, mücerret uygulamaya/vaz etmeye ise küfür demiyor. "Usul" adıyla andığı kanunu çıkaranlar ile, hevalarına göre hüküm veren kadıların aynı seviyede günahkar olduğunu söylüyor. Günümüzle mukayese edilecek olursa hatırda bulundurulması gereken husus, Alusi zamanında kanunname çıkartanların -batıl hüküm veren kadılar gibi- şeriatı tazim ettikleri ve kanunların şeriata muvafık olduğunu iddia etmeleridir.
[Şeyh Bahaüddin'in sözü Cemaleddin Kasimi'nin torunu tarafından yazılan siretinde de geçiyor ve aynı şekilde reddediliyor.]
Alusi ayrıca kadıya gitmeyi reddedenlerin, şeriatı inkar ettikleri değil, kadıların zalim oldukları sebebiyle bunu yapmaları durumuna dikkat çekiyor ve bu haldeki insanların mazur sayılacağını söylüyor.
Tefsirin İlgili Arapça Bölümü
إنَّ الَّذِينَ يُحادُّونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أي يعادونهما ويشاقونهما لأن كلا من المتعاديين في حدّ وجهة غير حدّ الآخر وجهته كما أن كلا منهما في عدوة وشق غير عدوة الآخر وشقه، وقيل: إطلاق ذلك على المتعاديين باعتبار استعمال الحديد لكثرة ما يقع بينهما في المحاربة بالحديد كالسيوف والنصال وغيرها والأول أظهر وفي ذكر المحادّة في أثناء ذكر حدود الله تعالى دون المعاداة والمشاقة حسن موقع جاوز الحد، وقال ناصر الدين البيضاوي: أو يضعون أو يختارون حدودا غير حدود الله تعالى ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلم ومناسبته لما قبله في غاية الظهور.
قال المولى شيخ الإسلام سعد الله جبلي: وعلى هذا ففيه وعيد عظيم للملوك وأمراء السوء الذين وضعوا أمورا خلاف ما حده الشرع وسموها اليسا والقانون (١)، والله تعالى المستعان على ما يصفون اه، وقال شهاب الدين الخفاجي بعد نقله: وقد صنف العارف بالله الشيخ بهاء الدين قدس الله تعالى روحه رسالة في كفر من يقول: يعمل بالقانون والشرع إذا قابل بينهما، وقد قال الله تعالى: اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة ٣] وقد وصل الدين إلى مرتبة من الكمال لا يقبل التكميل، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ولكن أين من يعقل؟! انتهى.
وليتني رأيت هذه الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي فتأمل، ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية (٢) وإذا وقعت باتفاق ذوي الآراء من أهل الحل والعقد على وجه يحسن
-
(١) قوله: اليسا هو بياء مثناة تحتية وسين مهملة وضع قانون للمعاملة، ويقال: يسق لفظ غير عربي كذا قاله الشهاب، ورأيت في بعض كتب اللغة التركية أن يصاق بفتح الياء والصاد المهملة بعدها ألف بعدها قاف معناه المنع اه منه.
(٢) أرسل إلينا الفاضل الأديب الأستاذ الشيخ محمد بهجة الأثري مقالة تتعلق بالقوانين السياسية، وأخبرنا أنه وجدها بهامش نسخة الأصل المخطوطة بخط أحد تلاميذ المؤلف ﵀ تعالى فوضعناها في مكانها إتماما للفائدة.
يقول محمد بهجة الأثري البغدادي:
قوله: ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية- إلى قوله- كما لا يخفى على العارف النبيه ليس للمؤلف وإنما وجدته
١٤
/ ٢١٤
[Sansürlendiği söylenilen kısım]
على هامش الأصل بخط أحد تلاميذه وقد كتبه عوضا عن بحث نفيس لصاحب التفسير في «القانون والشرع» لم تسمح السلطة الغاشمة بنشره وإليك نص ذلك نقلا عن خطه،
قال: وليتني رأيت هذه الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي. نعم لا شك في كفر من يستحسن القانون ويفضله على الشرع ويقول: هو أوفق بالحكمة وأصلح للأمة، ويتميز غيظا ويتقصف غضبا إذا قيل له في أمر: أمر الشرع فيه كذا كما شاهدنا ذلك في بعض من خذلهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، وهذا القانون الذي ذكروه قد نقصت منه اليوم أمور وزيدت فيه أمور وسمي بالأصول، وألفت فيها رسائل وطبعت ونشرت وفرقت وألزم العمل بما حوتها كل أمير ومأمور وعقدت مجالس الشورى عليها، ورجع في أحكام الأحكام إليها ومن خالفها نكل تنكيلا، وربما حبس حبسا طويلا، وكم قد قال لي بعض الولاة: إياك أن تقول في مجلسنا: المسألة شرعا كذا، وقد أصابني منه عامله الله بعدله لعدولي عن قوله مزيد الأذى، واتفق أن قال لي بعض خاصته يوما: أرى ثلثي الشرع شرا، فقلت له- وإن كنت عالما أن في أذنيه وقرا.: نعم ظهر الشر لما أذهبتم من الشرع العين، ولم تأخذوا من اسمه سوى حرفين فتأمل العبارة وتغير وجهه لما فهم الاشارة، والذي ينبغي أن يقال في ذلك: إن ما يرجع من تلك الأصول إلى ما يتعلق بسوق الجيوش وتعبئتهم وتعليمهم ما يلزم في الحرب مما يغلب على الظن الغلبة به على الكفرة وما يتعلق بأحكام المدن والقلاع ونحو ذلك لا بأس في أكثره على ما نعلم، وكذا ما يتعلق بجزاء ذوي الجنايات التي لم يرد فيها عن الشارع حد مخصوص بل فرض التأديب عليها إلى رأي الإمام كأنواع التعازير، وللإمام أن يستوفي ذلك وإن عفا المجني عليه لأن الساقط به حق الآدمي والذي يستوفيه الإمام حق الله تعالى للمصلحة كما نص على ذلك العلامة ابن حجر في شرح المنهاج، والقواعد لا تأباه، نعم ينبغي أن يجتنب في ذلك الإفراط والتفريط، وقد شاهدنا في العراق مما يسمونه «جزاء» ما القتل أهون منه بكثير. ومثل ذلك ظلم عظيم وتعد كبير.
وأما ما يتعلق بالحدود الإلهية كقطع السارق. ورجم الزاني المحصن. وما فصل في حق قطاع الطريق من قطع الأيدي والأرجل من خلاف وغيره مما فصل في آيتهم- إلى غير ذلك- فظاهر أمره دخوله في حكم الآية هنا على ما ذكره البيضاوي.
وأما ما يتعلق بالمعاملات والعقود فإن كان موافقا لما ورد عن الشارع فيها من الصحة وعدمها سميناه «شرعا» ولا نسميه «قانونا» و«أصولا» وإن لم يكن موافقا لذلك كالحكم في إعطاء الربا مثلا المسمى عندهم- بالكرشته- لزعم أنه تتعطل مصالح الناس لو لم يحكم بذلك فهو حكم بغير ما أنزل الله ﷿.
وأما ما يتعلق بحق بيت المال في الأراضي فما كان موافقا لعمل النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم وخلفائه الراشدين فذاك وما كان مخالفا لعمل الخلفاء الصادر منهم باجتهاد فإن كانت مخالفته إلى ما هو أسهل وأنفع للناس فنظرا إلى زمانهم فهو مما لا بأس فيه، وإن كانت مخالفته إلى ما هو أشق ففيه بأس، ولا يجري هذا التفصيل فيما وصفه رسول الله ﵊ كالعشر في بعض الأراضي التي فتحت في زمنه الشريف صلّى الله تعالى عليه وسلم فإنه لا تجوز المخالفة فيه أصلا على ما ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة بحسب الظاهر بأن لم يكن منصوصا عليه كان يندرج في العمومات المنصوص عليها في أمر الاراضي فذاك وإلا فقبوله ورده باعتبار المدخول في العمومات الواردة في الحظر والإباحة فإن دخل في عمومات الإباحة قبل وإن في عمومات الحظر رد، وأمر تكفير العامل بالأصول المذكورة خطر فلا ينبغي إطلاق القول فيه، نعم لا ينبغي التوقف في تكفير من يستحسن ما هو بين المخالفة للشرع منها ويقدمه على الأحكام الشرعية متنقصا لها به، ولقد سمعت بعض خاصة أتباع بعض الولاة يقول: وإن تلك الأحكام أصول وقوانين سياسية كانت حسنة في الأزمنة المتقدمة لما كان أكثر الناس بلها، وأما اليوم فلا يستقيم أمر السياسة بها والأصول الجديدة أحسن وأوفق للعقل منها، ويقول كلما ذكرها: الأصول المستحسنة. وكان يرشح كلامه بنفي رسالة النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم وكذا رسالة الأنبياء ﵈ قبله، ويزعم أنهم كانوا حكماء في أوقاتهم توصلوا إلى أغراضهم بوضع ما ادعوا فيه أنه وحي من الله تعالى، فهذا وأمثاله مما لا شك في كفره وفي كفر من يدعي للمرافعة عند القاضي فيأبى إلا المرافعة بمقتضى تلك الأصول عند أهل تلك الأصول راضيا بما يقضون به عليه تردد وإنما لم يجزم بكفره مع قوله تعالى: فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
[…..]
١٤ / ٢١٥
به الانتظام ويصلح أمر الخاص والعام، ومنها تعيين مراتب التأديب والزجر على معاص وجنايات لم ينص الشارع فيها على حد معين بل فوض الأمر في ذلك لرأي الإمام فليس ذلك في المحادّة الله تعالى ورسوله ﷺ في شيء بل فيه استيفاء حقه تعالى على أتم وجه لما فيه من الزجر عن المعاصي وهو أمر مهم للشارع ﵊. ويرشد إليه ما في تحفة المحتاج أن للإمام أن يستوفي التعزير إذا عفى صاحب الحق لأن الساقط بالعفو هو حق الآدمي، والذي يستوفيه الامام هو حق الله تعالى للمصلحة، وفي كتاب الخراج للإمام أبي يوسف عليه الرحمة إشارة إلى ذلك أيضا ولا يعكر على ذلك ونحوه قوله تعالى: اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة ٣] لأن المراد إكماله من حيث تضمنه ما يدل على حكمه تعالى خصوصا أو عموما، ويرشد إلى هذا عدم النكير على أحد من المجتهدين إذا قال بشيء لم يكن منصوصا عليه بخصوصه، ومن ذلك ما ثبت بالقياس بأقسامه، نعم القانون الذي يكون وراء ذلك بأن كان مصادقا لما نطقت به الشريعة الغراء زائغا عن سنن المحجة البيضاء فيه ما فيه كما لا يخفى على العارف النبيه، وقد يقال في الآية على المعنى الذي ذكره البيضاوي: إن المراد بالموصول الواضعون لحدود الكفر وقوانينه كأئمة الكفر أو المختارون لها العاملون بها كأتباعهم، ثم إن الآية- على ما في البحر- نزلت في كفار قريش كُبِتُوا أي أخزوا كما قال قتادة، أو غيظوا كما قال الفراء أو ردّوا مخذولين- كما قال ابن زيد- أو أهلكوا كما قال أبو عبيدة والأخفش.
وعن أبي عبيدة أن تاءه بدل من الدال، والأصل- كبدوا- أي أصابهم داء في أكبادهم وقال السدي: لعنوا، وقيل: الكبت الكب وهو الإلقاء على الوجه، وفسره الراغب هنا بالرد بعنف وتذليل، وذلك إشارة عند الأكثرين إلى ما كان يوم الخندق، وقيل: إلى ما كان يوم بدر، وقيل: معنى كُبِتُوا سيكبتون على طريقة قوله تعالى: أتى أمْرُ اللَّهِ [النحل ١] وهو بشارة للمؤمنين بالنصر على الكفار وتحقق كبتهم. كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ من كفار الأمم الماضية المحادّين لله ﷿ ورسله عليهم الصلاة والسلام وقَدْ أنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ حال من واو كُبِتُوا أي كبتوا لمحادّتهم، والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حادّ الله تعالى ورسوله من قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم، وقيل: آيات تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به ولِلْكافِرِينَ أي بتلك الآيات أو بكل ما يجب الإيمان به فتدخل فيه تلك الآيات دخولا أوليا عَذابٌ مُهِينٌ يذهب بعزهم وكبرهم يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ منصوب بما تعلق به اللام من الاستقرار، أو- بمهين- أو بإضمار اذكر أي لأن حكم أكثر القضاة مخالف لحكم الله تعالى ورسوله ﷺ في أكثر المسائل، والبلية العظمى انهم يسمون ذلك شرعا ومع ذلك يأخذون عليه ما يأخذون من المال ظلما فلمن لم يرض بالمرافعة عند هؤلاء القضاة العجزة ويرضى بالمرافعة عند أهل الأصول عذر لذلك.
ولقد سمعت في كثير أن أحد أسباب وضع الأصول الجديدة هؤلاء القضاة الظلمة حيث اتبعوا الهوى وحكموا بغير ما أنزل المولى جل وعلا ولم يمكن خلاص الشريعة من أيديهم وتطهير المحاكم من أرجاسهم لملاحظات مقبولة أو غير مقبولة فوضعوا ما يهون به في زعم الواضع شرهم ويهن به أمرهم ثم إن باطل أولئك القضاة لا قاعدة له فيتلون تلون الحرباء لأنه تابع لهوى الأنفس وتفاوت الرشا أمور أخرى وباطل غيرهم له قاعدة ما في الأغلب.
وقصارى الكلام أن ما خالف الشرع مردود كائنا ما كان ولا فرق في ذلك بين ما عليه أكثر القضاة اليوم بين الأصول المخالفة:
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه … أخوها غذته أمه بلبانها
وإلى الله تعالى المشتكى، وهو ﷿ حسبنا وكفى. انتهى كلامه.
قال المولى شيخ الإسلام سعد الله جبلي: وعلى هذا ففيه وعيد عظيم للملوك وأمراء السوء الذين وضعوا أمورا خلاف ما حده الشرع وسموها اليسا والقانون (١)، والله تعالى المستعان على ما يصفون اه، وقال شهاب الدين الخفاجي بعد نقله: وقد صنف العارف بالله الشيخ بهاء الدين قدس الله تعالى روحه رسالة في كفر من يقول: يعمل بالقانون والشرع إذا قابل بينهما، وقد قال الله تعالى: اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة ٣] وقد وصل الدين إلى مرتبة من الكمال لا يقبل التكميل، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ولكن أين من يعقل؟! انتهى.
وليتني رأيت هذه الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي فتأمل، ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية (٢) وإذا وقعت باتفاق ذوي الآراء من أهل الحل والعقد على وجه يحسن
-
(١) قوله: اليسا هو بياء مثناة تحتية وسين مهملة وضع قانون للمعاملة، ويقال: يسق لفظ غير عربي كذا قاله الشهاب، ورأيت في بعض كتب اللغة التركية أن يصاق بفتح الياء والصاد المهملة بعدها ألف بعدها قاف معناه المنع اه منه.
(٢) أرسل إلينا الفاضل الأديب الأستاذ الشيخ محمد بهجة الأثري مقالة تتعلق بالقوانين السياسية، وأخبرنا أنه وجدها بهامش نسخة الأصل المخطوطة بخط أحد تلاميذ المؤلف ﵀ تعالى فوضعناها في مكانها إتماما للفائدة.
يقول محمد بهجة الأثري البغدادي:
قوله: ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية- إلى قوله- كما لا يخفى على العارف النبيه ليس للمؤلف وإنما وجدته
١٤
/ ٢١٤
[Sansürlendiği söylenilen kısım]
على هامش الأصل بخط أحد تلاميذه وقد كتبه عوضا عن بحث نفيس لصاحب التفسير في «القانون والشرع» لم تسمح السلطة الغاشمة بنشره وإليك نص ذلك نقلا عن خطه،
قال: وليتني رأيت هذه الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي. نعم لا شك في كفر من يستحسن القانون ويفضله على الشرع ويقول: هو أوفق بالحكمة وأصلح للأمة، ويتميز غيظا ويتقصف غضبا إذا قيل له في أمر: أمر الشرع فيه كذا كما شاهدنا ذلك في بعض من خذلهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، وهذا القانون الذي ذكروه قد نقصت منه اليوم أمور وزيدت فيه أمور وسمي بالأصول، وألفت فيها رسائل وطبعت ونشرت وفرقت وألزم العمل بما حوتها كل أمير ومأمور وعقدت مجالس الشورى عليها، ورجع في أحكام الأحكام إليها ومن خالفها نكل تنكيلا، وربما حبس حبسا طويلا، وكم قد قال لي بعض الولاة: إياك أن تقول في مجلسنا: المسألة شرعا كذا، وقد أصابني منه عامله الله بعدله لعدولي عن قوله مزيد الأذى، واتفق أن قال لي بعض خاصته يوما: أرى ثلثي الشرع شرا، فقلت له- وإن كنت عالما أن في أذنيه وقرا.: نعم ظهر الشر لما أذهبتم من الشرع العين، ولم تأخذوا من اسمه سوى حرفين فتأمل العبارة وتغير وجهه لما فهم الاشارة، والذي ينبغي أن يقال في ذلك: إن ما يرجع من تلك الأصول إلى ما يتعلق بسوق الجيوش وتعبئتهم وتعليمهم ما يلزم في الحرب مما يغلب على الظن الغلبة به على الكفرة وما يتعلق بأحكام المدن والقلاع ونحو ذلك لا بأس في أكثره على ما نعلم، وكذا ما يتعلق بجزاء ذوي الجنايات التي لم يرد فيها عن الشارع حد مخصوص بل فرض التأديب عليها إلى رأي الإمام كأنواع التعازير، وللإمام أن يستوفي ذلك وإن عفا المجني عليه لأن الساقط به حق الآدمي والذي يستوفيه الإمام حق الله تعالى للمصلحة كما نص على ذلك العلامة ابن حجر في شرح المنهاج، والقواعد لا تأباه، نعم ينبغي أن يجتنب في ذلك الإفراط والتفريط، وقد شاهدنا في العراق مما يسمونه «جزاء» ما القتل أهون منه بكثير. ومثل ذلك ظلم عظيم وتعد كبير.
وأما ما يتعلق بالحدود الإلهية كقطع السارق. ورجم الزاني المحصن. وما فصل في حق قطاع الطريق من قطع الأيدي والأرجل من خلاف وغيره مما فصل في آيتهم- إلى غير ذلك- فظاهر أمره دخوله في حكم الآية هنا على ما ذكره البيضاوي.
وأما ما يتعلق بالمعاملات والعقود فإن كان موافقا لما ورد عن الشارع فيها من الصحة وعدمها سميناه «شرعا» ولا نسميه «قانونا» و«أصولا» وإن لم يكن موافقا لذلك كالحكم في إعطاء الربا مثلا المسمى عندهم- بالكرشته- لزعم أنه تتعطل مصالح الناس لو لم يحكم بذلك فهو حكم بغير ما أنزل الله ﷿.
وأما ما يتعلق بحق بيت المال في الأراضي فما كان موافقا لعمل النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم وخلفائه الراشدين فذاك وما كان مخالفا لعمل الخلفاء الصادر منهم باجتهاد فإن كانت مخالفته إلى ما هو أسهل وأنفع للناس فنظرا إلى زمانهم فهو مما لا بأس فيه، وإن كانت مخالفته إلى ما هو أشق ففيه بأس، ولا يجري هذا التفصيل فيما وصفه رسول الله ﵊ كالعشر في بعض الأراضي التي فتحت في زمنه الشريف صلّى الله تعالى عليه وسلم فإنه لا تجوز المخالفة فيه أصلا على ما ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة بحسب الظاهر بأن لم يكن منصوصا عليه كان يندرج في العمومات المنصوص عليها في أمر الاراضي فذاك وإلا فقبوله ورده باعتبار المدخول في العمومات الواردة في الحظر والإباحة فإن دخل في عمومات الإباحة قبل وإن في عمومات الحظر رد، وأمر تكفير العامل بالأصول المذكورة خطر فلا ينبغي إطلاق القول فيه، نعم لا ينبغي التوقف في تكفير من يستحسن ما هو بين المخالفة للشرع منها ويقدمه على الأحكام الشرعية متنقصا لها به، ولقد سمعت بعض خاصة أتباع بعض الولاة يقول: وإن تلك الأحكام أصول وقوانين سياسية كانت حسنة في الأزمنة المتقدمة لما كان أكثر الناس بلها، وأما اليوم فلا يستقيم أمر السياسة بها والأصول الجديدة أحسن وأوفق للعقل منها، ويقول كلما ذكرها: الأصول المستحسنة. وكان يرشح كلامه بنفي رسالة النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم وكذا رسالة الأنبياء ﵈ قبله، ويزعم أنهم كانوا حكماء في أوقاتهم توصلوا إلى أغراضهم بوضع ما ادعوا فيه أنه وحي من الله تعالى، فهذا وأمثاله مما لا شك في كفره وفي كفر من يدعي للمرافعة عند القاضي فيأبى إلا المرافعة بمقتضى تلك الأصول عند أهل تلك الأصول راضيا بما يقضون به عليه تردد وإنما لم يجزم بكفره مع قوله تعالى: فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
[…..]
١٤ / ٢١٥
به الانتظام ويصلح أمر الخاص والعام، ومنها تعيين مراتب التأديب والزجر على معاص وجنايات لم ينص الشارع فيها على حد معين بل فوض الأمر في ذلك لرأي الإمام فليس ذلك في المحادّة الله تعالى ورسوله ﷺ في شيء بل فيه استيفاء حقه تعالى على أتم وجه لما فيه من الزجر عن المعاصي وهو أمر مهم للشارع ﵊. ويرشد إليه ما في تحفة المحتاج أن للإمام أن يستوفي التعزير إذا عفى صاحب الحق لأن الساقط بالعفو هو حق الآدمي، والذي يستوفيه الامام هو حق الله تعالى للمصلحة، وفي كتاب الخراج للإمام أبي يوسف عليه الرحمة إشارة إلى ذلك أيضا ولا يعكر على ذلك ونحوه قوله تعالى: اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة ٣] لأن المراد إكماله من حيث تضمنه ما يدل على حكمه تعالى خصوصا أو عموما، ويرشد إلى هذا عدم النكير على أحد من المجتهدين إذا قال بشيء لم يكن منصوصا عليه بخصوصه، ومن ذلك ما ثبت بالقياس بأقسامه، نعم القانون الذي يكون وراء ذلك بأن كان مصادقا لما نطقت به الشريعة الغراء زائغا عن سنن المحجة البيضاء فيه ما فيه كما لا يخفى على العارف النبيه، وقد يقال في الآية على المعنى الذي ذكره البيضاوي: إن المراد بالموصول الواضعون لحدود الكفر وقوانينه كأئمة الكفر أو المختارون لها العاملون بها كأتباعهم، ثم إن الآية- على ما في البحر- نزلت في كفار قريش كُبِتُوا أي أخزوا كما قال قتادة، أو غيظوا كما قال الفراء أو ردّوا مخذولين- كما قال ابن زيد- أو أهلكوا كما قال أبو عبيدة والأخفش.
وعن أبي عبيدة أن تاءه بدل من الدال، والأصل- كبدوا- أي أصابهم داء في أكبادهم وقال السدي: لعنوا، وقيل: الكبت الكب وهو الإلقاء على الوجه، وفسره الراغب هنا بالرد بعنف وتذليل، وذلك إشارة عند الأكثرين إلى ما كان يوم الخندق، وقيل: إلى ما كان يوم بدر، وقيل: معنى كُبِتُوا سيكبتون على طريقة قوله تعالى: أتى أمْرُ اللَّهِ [النحل ١] وهو بشارة للمؤمنين بالنصر على الكفار وتحقق كبتهم. كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ من كفار الأمم الماضية المحادّين لله ﷿ ورسله عليهم الصلاة والسلام وقَدْ أنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ حال من واو كُبِتُوا أي كبتوا لمحادّتهم، والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حادّ الله تعالى ورسوله من قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم، وقيل: آيات تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به ولِلْكافِرِينَ أي بتلك الآيات أو بكل ما يجب الإيمان به فتدخل فيه تلك الآيات دخولا أوليا عَذابٌ مُهِينٌ يذهب بعزهم وكبرهم يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ منصوب بما تعلق به اللام من الاستقرار، أو- بمهين- أو بإضمار اذكر أي لأن حكم أكثر القضاة مخالف لحكم الله تعالى ورسوله ﷺ في أكثر المسائل، والبلية العظمى انهم يسمون ذلك شرعا ومع ذلك يأخذون عليه ما يأخذون من المال ظلما فلمن لم يرض بالمرافعة عند هؤلاء القضاة العجزة ويرضى بالمرافعة عند أهل الأصول عذر لذلك.
ولقد سمعت في كثير أن أحد أسباب وضع الأصول الجديدة هؤلاء القضاة الظلمة حيث اتبعوا الهوى وحكموا بغير ما أنزل المولى جل وعلا ولم يمكن خلاص الشريعة من أيديهم وتطهير المحاكم من أرجاسهم لملاحظات مقبولة أو غير مقبولة فوضعوا ما يهون به في زعم الواضع شرهم ويهن به أمرهم ثم إن باطل أولئك القضاة لا قاعدة له فيتلون تلون الحرباء لأنه تابع لهوى الأنفس وتفاوت الرشا أمور أخرى وباطل غيرهم له قاعدة ما في الأغلب.
وقصارى الكلام أن ما خالف الشرع مردود كائنا ما كان ولا فرق في ذلك بين ما عليه أكثر القضاة اليوم بين الأصول المخالفة:
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه … أخوها غذته أمه بلبانها
وإلى الله تعالى المشتكى، وهو ﷿ حسبنا وكفى. انتهى كلامه.